عفوا ،
ولكن هذا ليس من عمل
الروح القدس !!
" قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ " هوشع 4 : 6
يخال للبعض أن الروح القدس يود الوصول بالإنسان إلى مرحلة اليأس من
الحياة والضجر من كل شىء بها حتى تصير أعماق ذلك الإنسان نقية لا يشغلها
شىء سوى المسيح والفرح به كل حين ، بيد أن هذا ليس بصحيح ، لأن الروح
عندما يحل فى داخل الإنسان يملئه من الفرح والرجاء والسلام ، أما الضيق
الذى يأتى على حياة والحزن الذى يملأ قلبه أبان تبعيته للحق ، فهذه
أمور تأتى كنتيجة طبيعية لصراع من يرغب فى الحياة حسب النور مع مملكة
الظلمة ، والإنسان الصادق فى عبادته لا يبرح من داخله روح الفرح والرجاء
والسلام ، وإن زادت تجاربه فى الحياة وصراعه مع قوى الشر وتحديات
العصر ..
ومن خلال ما يأتى سوف نرى أن هناك
أمور نخالها صالحة وحسب الروح ، وهى لا تمت بأى صلة لعمل الروح وإرادته
.. لذا يجب علينا مراعاتها وأخذها فى الاعتبار كل حين ، و يمكن أن
نلخصها فى النقاط التالية :
+ كل حزن ياتى
على حياة الإنسان يستطيع أن يكون سبب تقدمه فى الإيمان ومعرفة المسيح ،
كما انه ضريبة دخول الملكوت و شرط التمتع بالفرح الأبدي ، ولكن علينا
أن نفرق دائما بين الحزن المقدس والغير مقدس ، لأن الحزن المقدس كفيل
بأن يغير النفس إلى الأفضل لأنه حسب إرادة الروح وخطته ، أما الحزن
الغير مقدس فلا يساعد على التغيير إلى الأفضل ، الحزن المقدس يخدم خلاص
الإنسان الأبدي أما الحزن الغير مقدس فقد يكون سببا فى هلاك الإنسان
إلى المنتهي ، الحزن المقدس كفيل بان يقربنا إلى الله والقديسين ويزرع
فينا الاشتياق لملكوت الله وبره أما الحزن الغير مقدس فمن الممكن ان
ينزع من داخلنا كل ما قد تعبنا في اقتنائه زمانا طويلا وكان سببا فى
فرحنا وارتقاؤنا وتقدمنا نحو الأفضل ..
وجدير بالإشارة
إلى أن الحزن الذى بحسب مشيئة الروح يأتي ومعه مزيدا من التعزيات
والرجاء والسلام كما يؤهل الإنسان لاستحقاق كل ما هو مقدس و كريم ومبارك
من الله ..
+ كثيرا ما نُرجع سبب حرماننا من شىء
نرغبه للروح القدس وقيادته لحياتنا ، ولا نعبأ بالتفرقة بين الحرمان
الذى هو ثمرة طاعتنا لشهواتنا والحرمان الذى هو أحد تدابير الروح
لخروجنا من أسر التعلق بالزمنيات ومحبة الأباطيل ، والنتيجة لذلك الخطأ
هى ضعف طاعتنا للروح ، أو انعدام ذلك تماما ، فما أحوجنا جميعا للوقوف
على سبب كل حرمان نجتاز به فى الحياة ولمعرفة أن الروح القدس أمين و
مخلص ووديع ، ومتى فعلنا ذلك سنكون أهلا لمؤازرة الروح للغلبة على روح
الجهل والشك والضعف ..
+ العمل الصالح يكون
مقبولا لدى الله إذا كان حسب الروح ، و بلغة الإنجيل " معمولا بالروح "
، ونعرف أن العمل الصالح حسب الروح متى قدمناه فى إطار من البذل و
إنكار الذات ونحن ممتلئين من الروح ولنا كل اشتياق أبان العمل لمجد
الله وبنيان جسد المسيح و شركة ميراث القديسين ..
+ ليست كل محبة نظن أن فيها الشبع ومن شأنها الوصول بنا إلى المرام
والسعادة هى محبة صحيحة وعلى مستوى الروح ، لأن يوجد من الحب ما يقتل
ويدمر ويهلك ويبيد إلى المنتهي ، وهذا ما لا يوافق فكر الروح وتدبيره
.. إن المحبة التى هى حسب الروح طاهرة وباذلة وتسكب داخل القلب سعادة
وسلام وأفراح ، ولأنها طاهرة فهى دائما تدفع إلى المسالمة والثبات على
الحق ورفض كل محبة تعلو على محبة المسيح ، أما المحبة التى ليست حسب
الروح فتحمل فى طياتها رائحة الفساد و الافتخار بغير الرب والجهل بماهية
وأهمية البنيان ..
+ لا نصل إلى ما نرجوه
لحياتنا من بركات ومراحم وعطايا روحية ما لم نذعن لكل عمل الروح القدس
فى حياتنا ، من إرشاد وتوبيخ وتوجيه وفحص وتعليم وتبكيت .. الخ ، أما
القول بان الروح يتمجد فى حياة الاخرين بغنى مواهبه وعطاياه على نحو
نفتقر إليه نحن حتى الآن ، فهذا ليس دليلا على المحاباة والمحسوبية ،
لان الروح طاهر ومقدس وكريم كل حين ومع كل مخلص وطائع له ، ولكن إن كنت
ترى مجد الروح فى حياة الاخرين أكثر مما تراه فى حياتك أنت فأعلم أن
ما يحيا فيه هؤلاء إنما هو ثمر حياتهم فى ظل طاعة الروح والخضوع له
بفرح وصبر وإيمان ، ومكتوب أن " ما يزرعه الإنسان إياه يحصد " ، هم
زرعوا حسب الروح فحصدوا أمجادا تبقى وتدوم ، أما الذين زرعوا حسب الجسد
فحصدوا ندامة وخوف واضطراب فى هذا الزمان وفى الحياة الأتيه ينتظرهم
الهلاك الأبدي والأبدية التعيسة ..
صديقي ،
لا يمكن لنا أن نحيا فى ظل غنى الروح وأمجاده ونحن مازلنا نجهل فكر
الروح وشدة إخلاصه ، أو مازلنا نشك فى قدسية أفعاله وطهارة تدابيره ،
لأن كل أعمال الروح هى من أجل سعادة الإنسان ، الزمنية والأبدية ،
وبدونها لا يقدر الإنسان على الحياة فى ظل النجاح والفرح والقدرة على
فعل ما هو صالح . لك القرار والمصير !!
------------------------
[size=16][size=25][b]
[/b][/size][/size]