مدينة اليكرنسس في الكتاب المقدّس إضغط هنا لمشاهدة الصوره بحجمها الأصلي 692x753px.
كانت أليكرنسس أكبر المدن وأقواها
في اقليم كاريه القديم في اسيا الصغرى ، وكانت تقع على شاطئ أحد الخلجان
وعلى بعد نحو خمسة عشر ميلا من جزيرة كوس ، وكانت تتميز بموقعها الجميل
ومناخها المعتدل اللطيف ، كما تميزت الأراضي المحيطة بالخصب الشديد وبوفرة
اشجار التين واللوز والزيتون .
وقد سمح لملوك كاريه بالاستمرار في الحكم بعد ان سقط ذلك الإقليم في ايدي الفرس ولقد كانت الملكة أرطيميزيا من أشهر حكام ذلك القليم وقد
اشتركت في معركة سلاميس البحرية ، أما أشهر ملوك ذلك القليم على الاطلاق ،
فهو الملك " موسولوس " الذي امتدت فترة حكمه من 373 ق . م إلى 353 ق . م
وقد دفن عند موته في قبره الشهير الذي ظل طويلا يعتبر من بين عجائب العالم
القديم ، ويقول بلليني ان القبر كان دائري الشكل ارتفاعه 140 قدما ، وكان
محيطه يبلغ نحو 411 قدما ، وبالإضافة الى ذلك ، كانت الأعمدة تحيط بهذا
القبر ، حيث بلغ عددها 36 عمودا ، كما كانت تعلو قبة هرمية ، وحين يصف
الكاتب القديم فيتروفيوس تلك المدينة يقول ان الساحة كانت تقع على طول
الشاطئ ، وكان يقوم الى الخلف منها ذلك الضريح الفخم " الموسوليوم " ، ثم
يقوم هيكل افله مارس وراء كل ذلك أما هيكل فينوس وعطارد فكانا الى يمين
الساحة وكان يقوم الى يسارها قصر الملك موسولوس .
ومما يجدر ذكره
، أن الاسكندر الأكبر لم يتمكن من فتح المدينة وتدميرها الا بعد حصار طويل
، كما أنه لم يتمكن من الاستيلاء على الحصن المنيع داخل المدينة ، ومع ان
احدا لم يقم ببناء تلك المدينة مرة أخرى لتعود كما كانت ، إلا أنه من
المرجح أنها كانت مسقط رأس كل من هيرودوت وديونيسيوس ، كما أنه من المؤكد
أن عددا من اليهود قد استقروا هناك ، اذ نعلم ان مجلس الشيوخ الروماني قد
اصدر خطابا في 139 ق . م لصالح اليهود ، وذلك كما جاء في سفر المكابيين
الأول ( 15 : 23 ) أما في القرن الأول قبل الميلاد ، فقد صدر مرسوم في
اليكرنسس يقضي بمنح اليهود فيها حرية العبادة " بحسب الشرائع اليهودية "
وأن يقيموا عبادتهم بقرب البحر عادات اجدادهم " ( يوسيفوس المجلد 14 ،
الفصل العاشر : 23 ) .
وتقوم الآن مدينة
" لودرون " الحديثة في موقع اليكرنسس القديمة وتغطي جزءا كبيرا من موقعها
القديم ، وهي تقع الى الجانب الغربي من قلعة القديس بطرس ، والتي شيدها
فرسان رودس في عام 1404 م بانقاض الضريح الفخم ( الموسوليوم ) .
وقد قام اللورد "
ردكليف " باستكشاف تلك الآثار في عام 1846 م ، وأرسل الكثير من الألواح
الأثرية المنحوته – التي وجدها في تلك القلعة – إلى المتحف البريطاني بلندن
، حيث تقبع هناك الآن ، ثم تلاه السير " نيوتن " والذي قاد الحملات
الاستكشافية في عامي 1857 ، 1858 ، فاستطاع ان يضيف الكثير من قطع النحت
الأثرية الى المجموعة السابقة في المتحف البريطاني ، وقد تمكن في اثناء
حملته من العثور على اساسات المعبد الهائل لافروديت ، كما استطاع العثور
على الساس الحجري الأخضر للضريح الفخم " الموسوليوم " والذي اقيمت عليه
المنازل التركية الحديثة ، كما اكتشقف العديد من المقابر خارج المدينة
القديمة وجدير بالذكر ان اسوار المدينة ، التي بناها الملك موسولوس في
حوالي 360 ق . م والتي تبين حدود المدينة القديمة ، ما زالت قائمة الى
يومنا هذا ، أما الميناء القديم وحاجزه الأثري – الذي بني لكسر حدة الأمواج
المتلاطمة امام الميناء – فقد اختفيا عن الانظار تماما ، ويمكن للسائح
الوصول الى تلك الآثار باستخدام أحد القوارب التي تقع من جزيرة كوس .